أحمد بن ماجد
أحمد بن ماجد
أحمدُ بنِ ماجدٍ بنِ محمدٍ (821هـ-906هـ/1418-1501م) «السيباوي». ملاح وجغرافي عربي من جلفار (رأس الخيمة)، برع في الفلك والملاحة والجغرافيا، واشتهر في القرن العشرين خطاً بأنه من قاد ڤاسكو دا ڠاما إلى الهند. أطلق عليه البرتغاليون (بالبرتغالية: almirante) ومعناها أمير البحر (الأميرال)، ويلقب بـ«معلم بحر الهند». ينتسب إلى عائلةٍ من الملاحين. كتب العديد من المراجع الملاحية، وكان خبيراً ملاحياً في البحر الأحمر وخليج بربرا (خليج عدن) والمحيط الهندي (بحر الهند) ومضيق ملقا وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي.
يتمتع ابنُ ماجدٍ بأشهرِ اسمٍ في تاريخ الملاحة البحرية في الحضارة الإسلامية وعلم الملاحة العربي، وقد ارتبط اسمه بالرحلة الشهيرة لحملة ڤاسكو دي ڠاما البرتغالية من البرتغال إلى الهند حيث شاع عنه مساعدته له كأميرٍ للدفّةِ في قطع المرحلة الأخيرة ما بين مالندي (في كينيا حالياً) إلى قليقوت (كوزيكود جنوبيَّ الساحلِ الهنديِّ الغربي) لأول مرةٍ في تاريخ الأوربيين. لكنّ ذلك لم يك سوى خطأٍ من الرواة إذ إنّ ابنَ ماجدٍ لم يأتِ على ذكر هذه الواقعة فيما كتب بعد رحلة دي ڠاما الاستكشافية سنة 1498م، ولم يذكرْها من المؤرخين المسلمين سوى النُّهْرُوالي، في حين لم يأتِ على ذكرِها المؤرخون البرتغاليون، كما حقق سلطان بن محمد القاسمي في الواقعة وأثبت خطأها.
ولابنِ ماجدٍ الفضلُ في إرساء قواعد الملاحة فيما وراء البحار في بحر الهند، وقد بقيت مؤلفاته وتطويراته للأدوات الملاحية كالبوصلةِ ووردة الرياح في مجال الملاحة سائدةً في كلٍّ من البحر الأحمر (بحر القلزم) والخليج العربي وبحر الهند وربما أيضاً في بحر الصين الجنوبي لزمنٍ طويل وهو أشهر من كتب في موضوع المرشدات البحرية الحديثة.
اسمه
شهاب الدين أحمد بن ماجد بن محمد بن عمر بن فضل بن دويك بن يوسف بن حسن بن حسين بن أبي معلق بن أبي الركايب. وكني بـ «ابن ماجد» و«ابن أبي الركائب». ولقب بـ«الشهاب»، و«شهاب الحق» و«شهاب الدين» دلالة على تدينه. كما لقب بـ «رابع الثلاثة» و«المعلم أسد البحار» و«ربان الجهازين» و«معلم بحر الهند» دلالةً على علمه. ولد أحمد بن ماجد في جلفار عام 821هـ/1418م وتوفي عام 906هـ/1501م.
نسبه
تحدث ابنُ ماجدٍ عن أنه ينتسب إلى القبائل العدنانية من تهامة ونجد والحجاز.
واختلف المؤرخون في موطنه أو مدينته إذ نُسب إلى مدينة جلفار التابعة لمملكة هرمز وقتئذٍ ومن ضمنها محافظة مسندم في عُمان الحالية. كما أرجع بعضهم أنه تميمي من ثادق في نجد مع أنّ ابنَ ماجدٍ نفسَه لم يقل بذلك. كما قيل إنه ظفاري من إقليم ظفار في عُمان أو إنه نجدي من اليمن.
وذكر ابنُ ماجدٍ في قصيدةٍ له اسمها "عدة الأشهر الرومانية" انتسابه إلى بني سعد بن قيس عيلان، يقول:
وكان أبوه وجده ملاحَيْن مشهورَيْن، يقول عن جده: «عليه الرحمة كان نادرة في ذلك البـحر (بحر الهند أو المحيط الهندي)، واستفاد منه والدي، وأسهما في معرفة القياسات، وأسماء الأماكن، وصفات البحر والبحار».
ثقافته
عرف ابنُ ماجدٍ الكتابة والقراءة رغم أن ملاحي بحر الهند في ذلك الزمن كانوا أميين، كما أن كتاباته تدل على علم باللغة العربية وتفاصيلها. وكان ضليعاً بعلم الفلك وتطبيقاته في علم الملاحة. وهو يعرف أسماء الكواكب العربية واليونانية. ويستخدم الاسطرلاب بمهارة. وتحدث في كتاباته عن أمور عديدة مثل الدين والجغرافيا والتاريخ والأدب والأنساب. وتدل آثاره أنه تكلم اللغة التاميلية، وعرف السواحيلية السائدة على سواحل شرقي إفريقيا على المحيط الهندي وألمّ بالفارسية لماماً بالإضافة لإتقانه اللغة العربية.
حياته
بدأ «أحمد» في سن العاشرة مصاحبة والده في رحلاته البحرية وقاد تحت إشرافه أول رحلةٍ وهو في سن السابعة عشرة، وتعلم البحار الصغير الفلك والرياضيات والجغرافيا جنباً إلى جنب مع التاريخ والأدب، وألف أكثر من ثلاثين كتاباً ورسالةً وأرجوزةً أرسى فيها وأسسّ قواعدَ علمٍ جديدٍ هو «علم البحار» لم يك معروفاً من قبل كما استحدث أدواتٍ ملاحيةً جديدةً أهمها تصميمه «البوصلة البحرية» المقسمة إلى 22 درجة والتي ماتزال مستعملةً حتى الآن.
وكان العرب عرفوا آلاتٍ ملاحيةً وفلكيةً لتحديد خطوط العرض معتمدين في ذلك على معرفتهم الدقيقة بمواقع النجوم وكان من هذه الآلات «الكمال» و«البليستي» و«اللوح»، والأخيرة والتي أذهلت «ڤاسكو دو ڠاما» حين رآها «وردة الرياح» وهي آلة من الخشب تقسم عليها دائرة الأفق إلى الجهات الأربع الأصلية أي أربعة أرباعٍ وهذه تقسم إلى أثمانٍ وبدورها تقسم هذه إلى ستة عشر قسماً فإلى ستٍّ وثلاثين (أي يقسم ما بين كلِّ جهتين إلى أقسامٍ صغيرة)، وتستخدم لمعرفة اتجاه الرياح بدقةٍ ومن أين تهب.
كتاباته
نظم «ابنُ ماجدٍ» الشعر في الملاحة سواءً لأغراضٍ علميةٍ تعليميةٍ (حيث يسهل حفظ الأرجوزة واستذكارها عند الحاجة) أو لرواية الأخبار، كما كتب نثراً. ترجع أهمية استخدام النظم أو الشعر إلى أن معظم القباطنة والبحارة كانوا ذلك العصر أمّيين لايتقنون القراءة والكتابة فكان حفظ الأراجيز (وهي قصائد منظومة على بحر الرجز) أسهل عليهم لمعرفةِ واستذكارِ المعلوماتِ المهمةِ حولَ الإبحارِ والأنواءِ والتوقيتاتِ والاتجاهاتِ ورصدِ الكواكبِ، فوصل عدد أراجيزه وقصائده المكتشفة إلى أربعٍ وثلاثينَ قصيدةً يصل عديد أبياتها إلى ثلاثةٍ وستمئةٍ وأربعةِ آلافِ (4603) بيتٍ. وتدل الأبحاث على ثماني عشرةَ قصيدةً ماتزال مفقودة. وله أعمالٌ نثريةٌ معروفة اليوم أهمها: «مختصر كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد» (يعتقد ألفه عامَ 1489م) وكتابُ «الفصول» وكتابُ «الملل». أما نثرُه المفقودُ فأهمها كتابين: «مطول كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد» (يعتقد ألفه عام 1475م) الذي اختصره فيما بعد في الكتاب ِالأولِ المذكورِ آنفاً، وكتاب «شرح الذهبية» وكتاب «حاوية الاختصار في أصول علم البحار»، وتُرْجم له بعض الكتب مثل «المحيط» إلى التركية العثمانية ومنها نقل إلى اللغاتِ الأوروبية، لكنَّ الصحيحَ أن «المحيطَ» من تأليفِ سيدي علي رئيس لكنه احتوى مطولاتٍ من آثارِه وآثارِ سليمان المهري تلميذِ ابنِ ماجدٍ المتأثرِ به.
ومن محفوظاتِ معهدِ الدراساتِ الشرقيةِ بلينينغراد مخطوطةٌ عربيةٌ شعريةٌ كتبها ابنُ ماجدٍ في ثلاثةِ فصولٍ وصف فيها طرق الملاحة المختلفة عبر البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي (أو بحر الهند كما دعاه العرب والفرس) نهاية القرن الخامس عشر الميلادي وبداية القرن السادس عشر.
وتبلغ آثارُ ابنِ ماجدٍ أكثرُ من أربعينَ عملاً مكتوباً نذكر منها:
الفوائد في أصول علم البحر والقواعد، وهو أهم كتبه.
رسالة قلادة الشموس واستخراج قواعد الأسوس، وربما تنسب إلى سليمان المهري.
كتاب تحفة الفحول في تمهيد الأصول.
العمدة المهدية في ضبط العلوم البحرية.
تعليقات
إرسال تعليق